• !
admin

صناعة الطفل القائد. من التأسيس إلى التمكين



صناعة الطفل القائد. من التأسيس إلى التمكين
في زمن يتسارع فيه التغيير وتكثر فيه التحديات. لم يعد الاكتفاء بالتفوق الدراسي او النجاح المهني كافيا لاعداد جيل يقود المستقبل بثقة. بل اصبح من الضروري ان نبدأ في غرس بذور القيادة لدى الاطفال منذ سنواتهم الاولى. فالقادة لا يولدون فجأة. وانما يصنعون عبر بيئات تربوية تحفز فيهم الجرأة على التفكير. وتحمل المسؤولية. والقدرة على اتخاذ القرار.

الطفل القائد لا يعني الطفل المسيطر او المتفوق فقط. بل هو ذاك الطفل الذي يعبر عن رأيه بثقة. يبادر في المواقف. يحترم الاخر. ويتعلم من الخطأ دون خوف. وصناعة هذا الطفل لا تتطلب موارد هائلة. بل تتطلب وعيا من الوالدين والمعلمين. وايمانا بامكاناته. وبيئة تمنحه الفرصة ليكون فاعلا لا متلقيا فقط.

مفاتيح صناعة الطفل القائد
الرؤية التربوية اولا. عندما يرى الكبار الطفل على انه شريك صغير في اتخاذ القرار. فان هذا الايمان ينعكس على سلوكهم معه. فيمنح فرصا للتمرين على القيادة بشكل تدريجي.

التمكين المدروس. تمكين الطفل لا يعني تركه بلا توجيه. بل يعني منحه مساحة امنة ليجرب. ويخوض التجربة. ويخطئ. ويتعلم دون ان يشعر بالخوف او العار.

اللعب كمساحة تدريب حقيقية. من خلال اللعب الجماعي. والادوار التمثيلية. والتحديات الحركية. يمكن للطفل ان يجرب ادوارا قيادية مختلفة تنمي فيه مهارات التفاوض. وتنظيم الفريق. وحل المشكلات.

القصة كأداة تعليمية. القصص التي تحتوي على شخصيات قيادية. او مواقف تتطلب شجاعة. تلهم الطفل وتفتح امامه افاقا للخيال والاسقاط. وتمنحه نماذج يمكن ان يقتدي بها.

الاسم ودوره في بناء الهوية. الاسم ليس مجرد نداء. بل رسالة مبكرة عن الذات. حين يعرف الطفل ان اسمه يحمل معنى قويا او قيمة نبيلة. يتصرف وفق هذا المعنى.

من التابع الى القائد. نموذج التدرج القيادي
اشار الدكتور بدر الحوسني في بحثه التربوي ان صناعة القادة الصغار تمر بمراحل تبدأ من المتابعة. ثم المشاركة. ثم المبادرة. ثم القيادة الفعلية. وهذا التدرج لا يمكن ان يحدث تلقائيا. بل يحتاج الى تمكين واقعي عبر بيئات تحترم الطفل وتؤمن بقدرته على اتخاذ القرار ضمن اطار تربوي آمن. وهذا النموذج يؤكد ان الطفل لا يصبح قائدا دفعة واحدة. بل عبر رحلة تعليمية ذاتية ومجتمعية متكاملة. تبدأ من البيت وتشمل المدرسة والمجتمع.

امثلة واقعية
صندوق الخيارات. ام تصنع صندوقا يحوي 3 خيارات لفطور اليوم. وتطلب من ابنها ان يختار ويبرر اختياره. مع الوقت. يتعلم الطفل التفكير واتخاذ القرار.

كرسي القائد في الصف. كل اسبوع يتناوب الطلاب على تولي كرسي القيادة. لتقديم فقرة صباحية او تنظيم نشاط. هذه التجربة تعزز المسؤولية والثقة.

مشروع قصة القيادة. يطلب من الطفل ان يكتب او يحكي قصة عن موقف قاد فيه الاخرين او تصرف بشجاعة. هذا التمرين يعيد تشكيل صورته الذاتية.

القائد القيمي لا المهاري فقط
القيادة الحقيقية لا تكتفي بالمهارة. بل تعتمد على منظومة اخلاقية واضحة. وقد بين الدكتور بدر الحوسني ان القائد الصغير يحتاج الى غرس قيم اساسية منذ الصغر. مثل الصدق. العدل. الامانة. احترام الاخر. وادارة الخلاف. وهي قيم تجعل من الطفل القائد انسانا متزنا في مواقفه. عادلا في قراراته. لا يسعى فقط للتفوق او السيطرة. بل للتأثير الايجابي. ومراعاة مشاعر من حوله.

علامات الطفل القائد
يبادر دون انتظار امر.

يسأل اسئلة عميقة.

يتحمل نتائج افعاله.

يعبر عن رأيه دون خوف.

يستمتع بصنع القرار.

اخطاء تربوية شائعة
التقليل من رأيه. يؤدي الى تاكل الثقة بالنفس.

التدخل في كل التفاصيل. يقتل روح المبادرة.

المقارنات. تخلق شعورا بالدونية.

منع الخطأ. يمنع التعلم الحقيقي.

الادوار التربوية المطلوبة
الاسرة. ان تكون بيتا للحوار. ومكانا للتجريب. ومساحة لتوزيع المسؤوليات بطريقة مدروسة.

المدرسة. ليست مكانا للتحصيل فقط. بل يجب ان تكون حقلا لاكتشاف المهارات القيادية من خلال النشاطات والمواقف اليومية.

المجتمع. ان يوفر بيئات امنة للتطوع والمشاركة والتأثير. حتى يشعر الطفل ان له قيمة حقيقية في الحي او النادي او الفعالية العامة.

خاتمة
صناعة الطفل القائد ليست مشروعا نخبويا. بل هي حاجة تربوية لكل بيت ومدرسة. كل طفل لديه بذرة قيادة في داخله. فقط يحتاج الى من يسقيها بالفكرة. ويرعاها بالتمكين. ويحميها من التهميش. فلتكن مهمتنا الاولى ان نرى ابناءنا كقادة صغار. ونمنحهم الثقة التي تزرع فيهم الجرأة على ان يقودوا انفسهم قبل ان يقودوا غيرهم.

نحن لا نربي الطفل لزمننا. بل لزمن لم نعشه بعد. فلنعده ليكون قائدا. لا تابعا.



https://albdercom.blogspot.com/2025/...g-post_83.html

بواسطة : admin
 0  0  14